بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم..
القصة دي الرسول عليه الصلاة والسلام حكاها في مكة، يعني السورة مكية، سورة البروج؟ والنبي حكي حديث طويل، حكاه فين؟ حكاه في مكة، حكاه لمين؟ حكاه لعلي بن أبي طالب ، حكاه لسمية، حكاه لبلال، حكاه لصهيب، حكاه لمين؟ الشباب الصغير بالأخص ولكل المسلمين..
القصة وقعت في اليمن في منطقة أسمها نجران علي حدود السعودية الآن، وقعت سنة 523 ميلادية، يعني قبل النبي بـ 40 أو 50 سنة ، يعني قريبة أوي من النبي صلى الله عليه وسلم.
شخصيات القصة: ملك، ساحر، راهب، غلام عنده 15 سنة، أم رضيعة، جنود، الشعب الناس.
مين بطل القصة؟ الغلام اللي عنده 15 سنة، ده البطل، اسمه إيه؟ اسمه عبد الله بن سامر.
بطل القصة غلام، يا! أنا كأني شايف علي بن أبي طالب، أصل وهو بيسمع القصة دي كان غلام، النبي بيكلمك يا علي، النبي بيكلمك يا عثمان، ويا عمر، النبي بيكلمكم يا شبابنا، القصة بتكلم الشباب. أنت البطل، أنت بطل القصة، مش الملك، ولا الراهب العالم العابد، مش هو البطل، البطل الغلام.
القصة بتقول ، الحياة قصيرة، إوعي تهين نفسك علشان ظلم، أو علشان أكل عيش، إوعي تهين نفسك، الحياة متساويش، كله ميت، الحياة متساويش، إوعي تهين نفسك، كل ده في القصة؟ كل ده في القصة.
كان في ملك اسمه ذونواس يعيش في اليمن سنة 523ميلادية، قبل النبي بأربعين سنة، ظلم ظلم شديد، أكل حقوق الناس، وعلشان يقدر يغطي علي أنه بيأخذ حقوق الناس وبيظلمهم -الظلم يبقي في مظلة يستخبى فيها، علشان الناس تسكت وتقبل إن هو بيأكل حقوقهم، فنصب نفسه، عمل لنفسه منصب جديد؛ منصب الإله ، نصب نفسه إله، علشان يأكل ويقتل ويسجن ويبهدل، فبقي الملك عامل مشكلتين؛ واكل حقوق الناس، ونصب نفسه مكان ربنا. والناس علشان خايفة من ظلم الملك، قبلت الملك يبقي إله، وسكتت، وقبلت الظلم، واتاكلت حقوقها، وسكتت، خايفة، وخلاص، ونسيوا ربنا، ونسيوا لا إله إلا الله بعد ما المسيح عليه السلام جه بلا إله إلا الله.
سنة 523 في اليمن قال الملك: أنا إله، ونسيوا ربنا، ونسيوا الكلام ده كله، وكل البلد بقت كده، ما عدا واحد؛ اللي بقي راهب.
راهب كبير في السن؛ هو الوحيد اللي فاهم إن الملك كذاب ومخادع، وأن الملك منصب نفسه إله علشان يأكل حقوق الناس.
الراهب في وسط ده كله عارف إن في مشكلتين لازم يعالجهم؛ المشكلة الأولي: أن لا إله إلا الله اتنست؛ ربنا، العقيدة، الإيمان، الدين.
والمشكلة الثانية: إن الناس مش عارفة تعيش، حقوقها اتاخدت، فعايز يعالج مشكلتين في بعض، الاثنين الملك ركبهم في بعض، إزاي يفكهم؟ وعايز يعمل كده من غير عنف، هيعمل إيه؟
بدأ الراهب يتكلم، بدأ يحاول يتكلم مع الناس، بدأت الناس يحصل همهمة في البلد، الحق، العدل، الحرية، الدين، ربنا، لا إله إلا الله، فالملك بطش، فخد واحد من هؤلاء اللي بيهمهموا بهذا الكلام، لسه الناس ما أمنتش ولا حاجة، دي همهمة، فمسك واحد من دول من اللي مصدق كلام الراهب، وقعد يئذيه، يئذيه، يئذيه. الراجل يقوله: بس انت مش إله، يئذيه، يئذيه، يئذيه، يقوله: ما انت ما بتعملش معجزات، الإله بيعمل معجزات، أنت ما بتعملش معجزات، يئذيه، يئذيه، يئذيه.
مين اللي خلاك تقول الكلام ده؟ لغاية ما دل علي مين؟ علي الراهب.
فالراهب هرب، الملك حاسس من جواه إن هو فعلاً مش إله، وإن هو ضعيف، فعايز يعمل حاجة توري الناس إن هو قوي، عايز يعمل حاجة إعلامية توري الناس إن هو قوي، قام جايب ساحر دوره إيه الساحر؟ يقنع الناس إن ده إله، فبدأ الساحر بالخدع، يعمل حاجات، مش هو قاله ما بتعملش معجزات، يعمل حاجات، يوهم الناس إن السحاب بيتجمع وبيعمل اسم الملك بالخدع، وطبعًا كلام كله فاضي، والناس صدقت، واتقتل الراجل اللي كان بيهمهم، وهرب الراهب من اليوم ده، مين كان قاعد بيتفرج علي اللي بيحصل ده؟ ولد عنده سبع سنين صغير لسه أو عنده 8 سنين،الغلام.
الملك انبسط من الساحر، وبدأ الساحر يكبر في مملكة الملك، وبقه عنده قصر، وبقه دراع الملك اليمين، وبدأ ناجح، والناس كلها نسيت لا إله إلا الله، والظلم زاد، وحقوقها راحت، والراهب هرب، بس الراهب مطلوب، اللي يمسك الراهب له جائزة ألف ألف دينار، مليون للي يقبض عليه. الراهب هرب في كوخ أو في مغارة علي حدود المدينة، لكن لسه بيحاول يلاقي حد ولو واحد بس، أصل الراهب كبر وهيموت، واحد بس يقوله الرسالة، وفضل وضع المدينة كده سبع سنين، الغلام دلوقتي عنده كام سنة؟ عنده 15 سنة، وده وضع المدينة.
علي فكرة إوعوا تفتكروا إن الملك مبسوط من الساحر، ده هو الوحيد اللي عارف سره، ده الساحر هو اللي عمله، الملك عايز فرصة يخلص فيها من الساحر، وده اللي بيحصل في كل عصر وفي كل زمان، الساحر أدي دوره، فمين مستعد يبيع دينه ويبيع خداع الناس؛ علشان يقوي الملك، ويوري إنه أحسن من الساحر اللي فات، علشان يروح الساحر الماضي ويجي ساحر جديد؟ والساحر في كل زمان بيتغير، مرة يكون فن، ومرة يكون مانشيتات، ومرة يكون تليفزيون، ومرة يكون أغاني.
لكن تعالوا نسمع النبي عليه الصلاة والسلام بيقول إيه : "كان فيمن كان قبلكم ملك وكان عنده ساحر فقال الساحر: أيها الملك: إني قد كبرت فانظر إلي غلام أعلمه السحر؛ ليبقي ما تصنع وما تريد- فاهمين الكلام، علشان يفضل اللي انت عايزه هاتلي ولد صغير، أنا محتاج إيه؟ أنا محتاج جيل جديد، الساحر بيقوله علشان يفضل الفساد ويفضل الظلم ويفضل خداع الناس محتاج جيل جديد أعلمه السحر.
الملك وافق، فجاب له مين؟ جاب له البطل بتاعنا، فظهر الغلام عبد الله بن سامر، هو ده اللي هياخده ويعلمه، الولد ذكي 15 سنة، فبدأ يتعلم السحر، فبدأ يتعلم الخدع، ومشي خلاص بقه في سكة الملك، هو أصلا مش صاحب رسالة ولا حاجة، مش فارقة كثير، ما البلد كلها كده، ومشي في سكة الملك، ودخل قصر الملك وشاف الأبهة، ياه! بقه أن هبقه مكان الساحر بعد كده وأعيش في العز ده، لسه صغير، حاجة تبهر طبعًا، دي تزغلل العينين، بس يا تري الحق أقوي؟ هنشوف، وهبقي مكان الساحر، ووو، وبدأ يتعلم الخدع، وبدأ يعرف يعملها، وبدأ يجيب السحر، الولد شاطر، يقول النبي:".. فكان الغلام إذا أراد أن يذهب إلي الساحر مر علي كهف الراهب- الراهب علي أطراف المدينة، والغلام غلبان، عيلته غلبانة، ساكن برة، فكل ما يجي يروح لقصر الملك علشان يتعلم السحر يعدي علي مين؟ ربك بيدبر، الملك يدبر، والساحر يدبر، وربك بيدبر فيعدي علي الكهف بتاع الراهب.
الراهب محتاج يوصل رسالته؛ الراهب بدأ يأخذ باله إن في حد بيعدي، الراهب خايف ومطارد وجائزة ألف ألف دينار للي يقبض عليه حيًا أو ميتًا، الملك طلبه، فبدأ يشوف إن في حد بيعدي، فبدأ يراقب ولد صغير شكله نبيه، شكله مجتهد، أنا محتاج الجيل الجديد، فبدأ الراهب إزاي أوصل للولد، أنا عايز الولد ده دلوقتي، المعركة علي مين؟ علي الغلام، ياتري مين اللي هياخده؟ الساحر ولا الراهب.
الراهب عايز يوصل للولد، عايز يكلمه، بس هو مطارد، فمستني فرصة يكلم فيها الولد، لغاية الولد مرة وهو رايح للساحر وقع في حفرة، فراح له الراهب، الولد مش عارف يطلع، بص له وقاله طلع نفسك، خلي السحر يطلعك، مش عارف يطلع، السحر الوهم ما يطلعش، مد له إيده وطلعه، قاله: الساحر علمك الوهم، وأنا هعلمك الحقيقة، لوعايز تتعلم الحقيقة أنا الكهف بتاعي أهوه، مغامرة من الراهب، علي فكرة الولد لو راح قال عليه ألف ألف دينار، وده ولد صغير، عمل إيه الولد؟ الولد طيب، الراهب سابه، لإيه سابه؟ الشباب عندهم حب الاستكشاف، الراهب عمل كده، سابه لحب الاستكشاف، هيجيلي، هيروح مني فين؟ هيجيلي.
الولد ذكي. الولد سأل عليه الأول، سأل علي الراهب، لقي بيتقال علي الراهب؟ كان راجل طيب، بس عليه شبهات، وعلامات استفهام كتير، ومطلوب. الولد قرر يروح للراهب.
الولد راح للراهب، وبدأ عايز يسأل الراهب. علي فكرة؛ جميل أوي الراهب ما انزعجش من الشبهات وعلامات الاستفهام اللي حواليه، ليه ما أنزعجش؟ ليه ما قلقش من علامات الاستفهام؟ لأنه عارف في الآخر إن ربنا موجود هيظهر الحقيقة، وده اللي حصل، الولد راح له.
بدأ الراهب يحكي، بدأ الراهب يقول، وبدأ الولد يسمع، والولد بيتأثر، وبدأ يحب يروح للراهب، وما بلغش عنه، وما أخدش الجائزة رغم إنه 15 سنة وغلبان، بس علي فكرة ما سلمش برده للراهب، لسه بيروح للساحر، الولد لسه متردد بيروح للساحر وبيروح للراهب، بيروح لده شوية وبيروح لده شوية.
يقول النبي: فجلس الغلام يسمع إلي الراهب، فجعل الغلام يسأل الراهب عن الله كلما مر به، فلم يزل به حتى أخبره الحق كله.
قال كل حاجه، قاله الملك كان بيعمل حاجتين؛ بيضيع لا إله إلا الله، وبيغش الناس وبيأكل حقوق الناس.
تطورت العلاقة بين الراهب والغلام، بقى بيلتقوا مرتين في اليوم، إمتى؟ وهو طالع من بيته رايح للملك يتعلم السحر، وهو راجع من الساحر راجع لبيته، ماهو في السكة، فبيعدي علي الراهب صبح وبالليل.
هو بيروح ويرجع من عند الملك، مازال متردد بين الاثنين، له حق، الحقيقة ليه؟
تخيل واحد 15 سنة شاب عادي، لا نبي ولا بتاع معجزات، الراهب عايش في كوخ، والساحر في قصر الملك، واحد بيعلمه الخدع، وواحد بيقوله كلام عن الحقيقة، واحد في إيده كل السلطة الساحر، واحد مطارد في كهف، تخيل الولد بيشوف الصورتين دول كل يوم، علي فكره ده كويس.
الولد شاف كل حاجه، شاف الاثنين، ماهو ده إعداد ربنا، فالولد بيروح هنا و هنا، وشاف المتناقضات، بيتلقي، المصدرين متعارضين؛ يعني بيتلقي من أقصي اليمين ومن أقصي الشمال، وبيسمع الاثنين، فالدماغ كبرت، وبيقابله مرتين، كل ده إعداد للغلام.
الولد خلاص سمع من الاثنين، هيختار، هتختار مين يا غلام؟ هتضحي بالجائزة الألف ألف دينار؟ هتضحي بمستقبلك اللي هتكون فيه ساحر عظيم ودراع الملك اليمين، ولا تختار الكوخ المطارد؟ تختار مين يا غلام؟ الاثنين قدامك، تختار الحق ولا الباطل،
عايز تختار مين؟
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: فكان الغلام إذا أتي الساحر تأخر فضربه الساحر، فإذا عاد إلي أهله ليلاً تأخر، فضربه أهله، الغلام رايح جي رايح جي، فالضرب زاد، مش قادر، هيشتكي لمين؟ عنده ثلاث جهات: الساحر وأهله والراهب.
فراح للراهب، اللي ما بيضربوش، يا خسارة ما راحش لأهله، أصل أهله ما استوعبوش، ضربوه. الضرب مش علاج، مش حل، وما راحش للساحر رغم كل سلطته، لأن الساحر بيضرب والساحر مش حنين، إذا كان الساحر أصلاً بايع فكرته.
هتروح لمين يا غلام؟ هروح للراهب، فاشتكي إلي الراهب، قاله أنا مش عارف أعمل إيه، فالراهب قاله الحل -الراهب جامد أوي، علي فكره قاله- إذا تأخرت في ذهابك إلي الساحر فسألك، فقل أخرني أهلي، وإذا تأخرت في العودة إلي أهلك، فقل أخرني الساحر.
إيه الوضع حاليًا؟ العلاقة بين الساحر والغلام توترت أوي، ده اشتكي له، دليل نجاح الراهب إن الولد اشتكى له، يبقى أنت نجحت، دليل نجاحك كداعية إن الناس تتصل بيك علي الانترنت، تحكيلك مشاكلها الخاصة، دليل نجاحك كأب أو كأم إن ابنك يحكيلك مشاكله.
الولد تعب بقه، تعب من الصراع اللي جواه، علي فكرة؛ هو ما اخترش لغاية دلوقتي، يعني هو لغاية دلوقتي ميال للراهب، صح، بس ما اخترش، لسه مش صاحب رسالة، بس اتعلم.
إيه الوضع الآن؟ إيه وضع الغلام الآن؟ أه تعب، بقه أنا عايز أعرف الحق، مين الصح ومين الغلط، ففي يوم ماشي الغلام، والحكاية دي تعباه أوي ، عايز أعرف الحق، حصل إيه؟ لقي صوت ناس بتصرخ، الناس عارفة إن الولد ده تلميذ الساحر، يعني الولد في عين الناس إيه؟ ساحر صغير، دي الصورة بتاعته، فالولد معدي لقي ناس بتصرخ، في إيه؟
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: فبينما الولد يمر في الطريق إذا بدابة "أسد" يحبس الناس عن الطريق، مانع الناس إنها تعدي، الناس بتسقي من بير مياه، الناس بتشرب منه، الأسد واقف قدام البير يبدو إنه خايف يتحرك، فعمال يزأر والناس خايفة، وعيال بتعيط عايزين يشربوا مش عارفين، يشربوا من البير بتاع البلد، أه الأسد مانع الناس، فالولد جت في دماغه فكرة اليوم، بصوا بيقول إيه،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فقال الغلام: اليوم أعلم أيهم أحب إلي الله، الساحر أم الراهب فأخذ حجرًا وقال: اليوم أعلم أيهم أحب إلي الله اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر، فاقتل هذه الدابة بهذا الحجر، فأخذ الحجر ودعا، فألقي الحجر فوقع الحجر في فم الدابة فماتت، فقال الناس: ساحر عظيم، أما هو فقال: لا إله إلا الله، عرف الحق، يوم فاصل في حياة الغلام، لا اله الا الله، يا استريحت، انتوا قولوا ساحر، صحيح أنا هبقى محتاج أغير نظرتكم والصورة دي.
وقد عرف الغلام الآن الحق بعدما كان مترددًا ما بين الراهب والخير والحق، وبين الساحر والخداع والوهم، ولكن أيختار الراهب المعزول؟ أم الساحر مع العز والتمكين والمستقبل والمال؟ وفي آية من الله عرف الحق وذهب إلي الراهب الذي قال له: «أي بُني، أنت اليوم خير مني، وإنك ستبتلي فإذا ابتليت فلا تدل علي».
الغلام وخطته لمواجهة الملك:
سيواجه الغلام الملك وحده وسيعرف الناس أنه لا إله إلا الله. سمع علي بن أبي طالب هذه القصة وهو غلام، وعندما مرت الأيام وذهب لفتح اليمن وجدهم أرق أفئدة لعل ذلك يكون بفعل هذا الغلام لأن بينه وبين النبي أربعين سنة فقط.
فكر الغلام - في مواجهته للملك- أن المشكلة هي أن الناس نسيت أنه لا إله إلا الله، وأنهم يخافون الملك الذي يأكل حقوقهم، وهناك أيضا الساحر ودوره في خداع الناس.
فكر الغلام في الحل وفكر في كيفية إبطال مفعول السحر والخداع الذي يقوم به الساحر وفكر أيضًا في كيفية إقناع الناس بأن الملك بشر وليس إلهاً حتي لا يخافوه.
لم ينعزل الغلام وقرر أن يكون وسط الناس ويكون له دور إيجابي بينهم وبعد ذلك سيكون مستعداً لمواجهة الملك.
الغلام ومواجهة الملك:
بدأ الغلام بمساعدة الناس والوقوف إلي جانبهم، وبدأ ينتشر وسط الناس ليعرف احتياجاتهم.
وكانت الناس تعاني من الأمراض فبدأ بعلاجهم والدعاء لله ليكون السبب في شفائهم، وقد أجري الله الكرامات علي يديه، فكان يبرئ الأكمه والأبرص فاشتهر وسط الناس، كان الساحر الوحيد الذي يعلم أن ما يفعله الغلام ليس بسحر ولكنه لا يستطيع أن يتكلم، وحينما يسأل الملك الغلام عن سبب عدم ذهابه للساحر يخبره الغلام أنه تعلم كل سحره، ويستريح الملك لأن ذلك يعني أنه لن يكون بحاجة للساحر، وحينما شعر الساحر أن الملك علي وشك التخلص منه هرب وبهذا تخلص الغلام من الساحر.
وبدأ الغلام بالبحث فوجد أن للملك جليساً أعمي فجعله يعلم عن أمره في شفاء الناس فلما علم جليس الملك به، حمل إليه هدايا كثيرة وقال: «يا غلام، لك كل هذه الهدايا إن رددت عليَّ بصري»، فقال له الغلام: «أنا لا أشفي أحدا ولكن الذي يشفي هو الله، فإن شئت دعوت الله لك أن يشفيك وتؤمن بالله» فقال له الجليس إنه إن فعل ليؤمن، فدعا الغلام الله تبارك وتعالي فآمن جليس الملك.
ذهب الجليس للملك الذي سأله عمن رد عليه بصره فقال الجليس: «ربي»، فقال الملك: «أنا؟» فقال: «ربي وربك الله»، يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: «فلم يزل الملك يعذبه حتي دل علي الغلام»، فجيء بالغلام وقال له الملك: «أي بني، لقد بلغ من سحرك ما أري أنك تبرئ الأكمه والأبرص» فإذا بالغلام يقاطعه ويرد: «أنا لا أشفي أحداً إنما الذي يشفي هو الله»، قال الملك: «أو لك رب سواي؟» فقال له الغلام:«ربي وربك الله»، فأخذه الملك ولم يزل يعذبه حتي دل علي الراهب، فجيء بالراهب، ووضع المنشار في مفرق رأسه، وكذلك فُعل بالجليس الذي قيل له ارجع عن دينك فقال:«لا إله إلا الله»، ثم جيء بالراهب فقيل له: «ارجع عن دينك» فأبي.
دعونا نتخيل ماذا لو استجاب الراهب؟ لكان الغلام قد انهار بسبب انهيار الرمز والقدوة أمامه.
مات كلٌّ من الجليس والراهب، ولكن المنتصر هاهنا كان الراهب الذي استطاع أن يحصل علي الجيل القادم، وفي الآخرة هو الفائز بالجنة، أما الملك فلقد فاز باللعن.
ولو تساءلنا من كانت تضحيته أكبر الراهب أم جليس الملك؟ سنجد أنه جليس الملك الذي كان يعيش في عز، وبعدما فقد نظره واسترده من جديد كان لا يزال بعد جليس الملك ولكنه ضحي بكل ذلك لإيمانه.
سعي الملك للتخلص من الغلام:
يحاول الملك الآن التخلص من الغلام ولكن بعيدا عن الناس؛ وذلك لأنه محبوب بينهم ولكن الجليس والراهب كانا بعيدين عن الناس فمن يعش بين الناس وللناس يحمِه الله تعالي.
لذلك فإن أراد الملك التخلص من الغلام بعيداً عن الناس والغلام يريد أن أن يثبت للناس أن الملك ليس بإله ويريد أن يثبت لهم ضعفه.
قام الملك بدفع الغلام لبعض جنوده وجعلهم يرتدون ملابس غير ملابس الجندية كأناس من الشعب، وقال لهم الملك اخرجوا به إلي الجبل بعيدا وأن يصعدوا به الجبل ويلقوه منه، فأخذه الجند وصعدوا به إلي الجبل، وطوال الطريق إذا بالغلام يردد: «لا إله إلا الله». وأثناء صعود الجنود بالغلام إذا به يقول هذا الدعاء الذي قاله النبي صلي الله عليه وسلم أثناء هجرته حينما كان يلاحقه سراقة: «اللهم اكفنيهم بما شئت وكيف شئت إنك علي ما تشاء قدير» يقول النبي صلي الله عليه وسلم: (فاهتز بهم الجبل فسقط الجنود وعاد الغلام).
وإني لأتساءل أكانت هذه معجزة؟ أم كان الجنود مهزومين بالفعل ؟ قد تكون الإجابه للسببين.
وهنا نسأل أنفسنا كيف نقول نحن «لا إله إلا الله»؟ أنقولها بقوة ومن قلوبنا حقا؟ هذه الكلمة التي قالها رجل كان له تسع وتسعون سجلا من السيئات وضعوا جميعًا في كفة السيئات ووضعت أمامهم في كفة الحسنات كلمة «لا إله إلا الله» وقد قالها يوما من كل قلبه، يقول النبي صلي الله عليه وسلم: «فطاشت السجلات، ولا يثقل مع اسم الله شيئاً».
وعاد الغلام إلي الملك ولم يهرب؛ لأنه صاحب رسالة.
وحينما عاد قال له الملك: «أين أصحابك؟» - يقصد الجنود فمن المفترض أنه ذهب لرحلة وليس مع جنود- فرد عليه الغلام: « كفانيهم الله» ولنلاحظ أن الفتي مازال يحاول مع الملك ولم يلجأ معه للعنف في الحديث، ولكن الملك أخذه ودفعه إلي بعض الجنود وأمرهم أن يذهبوا به إلي سفينة وفي وسط البحر يلقوه منها، وبالفعل أخذوه وذهبوا به، فقال الغلام: «اللهم اكفنيهم بما شئت وكيف شئت إنك علي ما تشاء قدير» فانقلبت السفينة وغرقوا جميعا وعاد الغلام إلي الملك، ولنتخيل هنا أن الملك يتمني لو هرب الغلام ففي رجوعه إثبات لضعفه وأنه لا إله إلا الله. ويسأله الملك مرة أخري عن أصحابه فيرد الغلام: «كفانيهم الله».
السبيل لإيقاظ الناس:
وجد الغلام أن كل ذلك لم يجعل الناس تستيقظ من خوفها وبدأ يفكر في الموت عله يكون السبيل لإيقاظهم، فذهب إلي الملك وقال له: «إنك لست بقاتلي حتي تفعل ما آمرك به» فقال الملك: «وما ذلك؟» أصبح الملك الآن هو الضعيف - يقول الرسول صلي الله عليه وسلم:« قال له الغلام: اجمع الناس في صعيد واحد ثم اصلبني علي جذع نخلة ثم خذ سهما من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل: بسم الله رب الغلام - نلاحظ أن الفتي يريد إيصال رسالته للناس، كما أنه يرسم المشهد الذي يرغب في أن يراه الناس، مستخدما الإعلام لإيصال هذه الرسالة، ويجعل الملك يخلع رداء الألوهية-، فجمع الملك الناس وصلب الغلام في جذع النخلة وأخذ السهم وقال: «بسم الله رب الغلام» وأطلق السهم فأصاب خد الغلام الذي وضع يده علي خده وابتسم وقال: «لا إله إلا الله» ومات، فجرت عليه أمه واحتوته وصرخت بـ «لا إله إلا الله» ، فصرخ الناس «لا إله إلا الله، آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام»، وانتصر الغلام وآمنت الناس.
بطش الملك بالناس:
أمر الملك بحفر الأخاديد في أفواه السكك وأن يشعلوا فيها النيران، وطلب من أتباعه أن يتركوا كل من يرجع من الناس عن دينه، أما من يرفض فيلقوه في الأخاديد، ويصف النبي صلي الله عليه وسلم المشهد ليمثل فيه معاناة الآلاف: أمٌّ تحمل ابنها الرضيع وكانت تخاف عليه من الموت، فكان ممن نطق في المهد وقال: «أماه إنكِ علي الحق فلا تخافي»، فأخذته وقالت لا إله إلا الله، ودخلت به في نار الأخدود، وهناك أيضا جندي من جنود الملك، والملك يقول له: «أرأيت كيف أخضعت رقاب الناس؟»، فقال له: «لقد أخضعت رقابهم ولكنك لم تخضع قلوبهم» مات الناس والملك يشاهد الحفرة، ويتلذذ بموت الناس أمامه حرقا. وقيل مات واحد وعشرون ألفا لأنه كما قيل إنه كان أكثر من أخدود.
نهاية القصة:
انتهت القصة، ولكن هل انتصر الملك؟ وهل هذه هي النهاية؟ اختار الله هذه النهاية وثمة ما نستنتجه منها:
1 . هذه ليست النهاية، ولكن هناك يوماً للحساب، فهذه النهاية ما هي إلا فصل من الفصول.
2 . من هذه النهاية لنا أن نسأل أنفسنا: هل نحمل الحق والرسالة ولكن نشترط أن ننتصر الانتصار الظاهري؟ أم أننا نحمل الرسالة كمبدأ؟ فعمل الخير والإصلاح ومساعدة الناس مبدأ.
3 . لنعلم أن كلمة لا إله إلا الله غالية، فجليس الملك والراهب والغلام أفراد، أما نهاية القصة ففيها تضحية شعب بأكمله.
انتصارات الغلام والناس:
1 . انتصر الغلام بإخضاع الملك لإرادته بأنه لم يتنازل عن مبدأه.
2 . انتصر الغلام والناس بكسبهم الجنة، فالشهداء في الفردوس الأعلي من الجنة.
3 . انتصر الغلام والناس بذكرهم في التاريخ.
4 . انتصر الغلام حين نجح في إحداث التغيير لكن دون عنف.
5 . انتصر الغلام حين نجح في أن يجعل من دائرة تأثيره أكبر وأكبر حتي أصبحت أوسع من دائرة الملك وأصبح هو المؤثر.
6 . انتصروا حينما علمونا أن الحياة قصيرة.
سورة البروج:
( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ) (البروج 1- 10).
(الْبُرُوجِ): أي البرج العالي الذي منه تراقب الأحداث، فالسماء كلها شاهدة علي ما فعله الملك.
(وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ): فالقصة لم تنتهِ ولايزال هناك يوم للحساب.
(وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ): فكل الأرض شاهدة.
(إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ): الملك ومجلسه وتلذذه بالمشهد.
(وَهُمْ عَلَي مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ): فالله يشهد وليس بغافل عما يحدث، فلنتعلم أننا مهما ظلمنا فإن الله هنا يسمع ويري ويشهد.
(إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ): فالله يفتح للجميع باب التوبة مهما فعلوا ومن لم يتب فله عذاب الحريق.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ): القصة لم تنتهِ فلهم جنات.
(إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ): هناك فصل قادم يوم القيامة القصة لم تنتهِ.
(وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ): وهو الودود للغلام، وستكون عند عرش الرحمن يا من مت في سبيل الله.
نهاية الملك:
1 . أصبح الملك ملكاً بلا شعب.
2 . بدأت تطارده الكوابيس بالحرق.
3 . علمت الحبشة المسيحية بما حدث فتحركت جيوشها إلي اليمن، وأزالت مُلك هذا الملك، فهرب الملك ودخل بفرسه البحر وانتحر.
4 . دخلت المسيحية إلي اليمن وصارت قصة الغلام قصة الإيمان، مما جعل بعد ذلك دخول الإسلام لليمن سهلاً وقلوب أهلها رقيقة عاشقة للإيمان بسبب الغلام.
قصة رائعه شكرا جزيلا لك
ردحذف